الرد السديد على الجهنى العبيط

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وبعد :

ففي ليلة الاثنين الموافق 27/5/1428 رأيت تحذيراً من هذه المقولة (الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام) من عبدالحميد الجهني -هداه الله- قال فيه :
( السلفية هي ما كان عليه السلف الصالح عقيدة وشريعة وسلوكا , فمن تابع السلف في هذه الأصول كان سلفيا , ومن خالفهم وتنكب طريقهم لم يكن سلفيا , وخروج الشخص من السلفية لا يعني خروجه من الإسلام , بل يبقى في دائرة أهل البدع , وأهل البدع _ غير المكفرة _ هم مسلمون في الجملة مع ما عندهم من البدع ,
وعليه : فقول هذا الأخ إن "السلفية هي الإسلام , والإسلام هو السلفية" , غلط ظاهر , لأن السلفية لا تصح إلا إذا كانت نقية من البدع , وأما الإسلام فيصح مع البدع , كما هو معلوم , فالصوفي _ على سبيل المثال _ الذي يقيم الموالد , وليس عنده بدعة تخرجه من الإسلام , هو مسلم بدون شك , ولكن هل هو سلفي ؟
فإن قلنا : الإسلام هو السلفية , إذن يكون هذا الصوفي من السلفيين ؛ لأنه مسلم . ومن هنا يظهر لك الغلط الذى وقع فيه الأخ صاحب الكلمة المذكورة .
فإن قيل : إن المراد في هذه الكلمة هو الإسلام المصفى الذى كان عليه السلف ,
قلنا : إذن يكون قد فسر السلفية بالسلفية ! فيكون الكلام لا طائل تحته , ولا فائدة منه , لأن السلفية هي الإسلام المصفى الذى كان عليه السلف الصالح . ثم إن الذى يتبادر إلى الأذهان من كلمة الإسلام هو الإسلام الذى يدخل فيه المبتدعة , كالأشاعرة _مثلا _ فكيف يقال حينئذ : الإسلام هو السلفية ؟!
وأما قوله : إن الإمام البربهاري رحمه الله خالف الكتاب والسنة , فقول باطل , بل قول البربهاري هو الذي عليه أئمة السنة , أنه لا يقال للرجل إنه من أهل السنة إلا إذا كان على معتقد أهل السنة ومنهجهم , وهذا معنى كلام البربهاري رحمه الله ) . اهـ
ثم وضع صاحب الموضوع رابطاً لأصل الموضوع الذي حذر فيه عبدالحميد الجهني من هذه المقولة فوجدت أن المردود عليه أردني وأنا مصري فعلمت أن الجهني لا يعنيني.
ثم قرأت تعليق صاحب الموضوع على تحذير عبدالحميد الجهني فإذا به يقول :
( وإنما أفردت هذا الجواب بمقال مستقل لأنني وقفت على إحدى مواقع الإنترنت لأحدهم ! سماه صاحبه: "الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام" ! فآثرت أن أنبه على هذا الخطأ الفاحش بنقل كلام الشيخ أبي مالك تنبيهًا لصاحب هذا الموقع ولغيره ممن قد يقرؤون العنوان فيغترون به ويرددونه.
هذا مع تعين التحذير من ذاك الموقع الآنف الذكر ومن صاحبه، فهو أحد الأغمار الصغار المتعالمين الذين يرمون السلفيين الأفاضل بما هم منه براء، وقد خصصه صاحبه لمحاربة هؤلاء السلفيين الفضلاء ورميهم بالحدادية تلميحًا أو تصريحًا، وملأه بسخام الكلام وردود -زعم- على طلبة العلم الأفاضل في حين أن صاحبه هذا لا يحسن في ردوده السقيمة المريضة المتهافتة أن يفرق بين "ألف الوصل" و"همزة القطع" ! فإنا لله !).
فأقول :
قمت بترتيب موقع تابع لشبكة سحاب وسميته بـ"الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام" وكان له حظ من الزوار يومياً بفضل الله , وأضفت في شبكة سحاب في المنبر الإسلامي مقالاً عنونته بنحو اسم الموقع ليكون موضوعاً متجدداً لنشر أخبار الموقع , وقد وصلت زيارات الموقع إلى الآلاف , وكذلك وصلت مشاهدات الموضوع في شبكة سحاب إلى عدد كبير , وكذلك كثرت مشاركات الأعضاء في هذا الموضوع وكان منهم الشيخ أبو عبدالله خالد الظفيري المدني -حفظه الله- , وظل الوضع على ذلك شهوراً بلا أي استنكار إلى أن أغلقت المواقع التابعة لقافلة سحاب.
وعليه فظاهر أن "ابن يوسف" صاحب الموضوع الذي نقل فيه تحذير عبدالحميد الجهني يقصدني فأرد على "ابن يوسف" أولاً.

فأما قوله : (وإنما أفردت هذا الجواب بمقال مستقل لأنني وقفت على إحدى مواقع الإنترنت لأحدهم ! سماه صاحبه: "الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام").
فأسأله لماذا لم تصرح باسم شبكة سحاب ؟

وأما قوله : (هذا مع تعين التحذير من ذاك الموقع الآنف الذكر ومن صاحبه).
فقد نقول أنه لا يقصد شبكة سحاب ولكنه يقصد موقعي الذي كان تابعاً لقافلة المواقع بها وهذا الموقع الذي ينبغي التحذير منه كانت به مكتبة تابعة لمكتبة سحاب حافلة بالدعوة للسلفية والرد على الطرق والحركات البدعية , ولكن ذلك لا يُقلق ابن يوسف "كاتب الموضوع" ؛ وإنما الذي يقلقه مقالاتي التي نشرتها على منتدى سحاب في التحذير من الحدادية وهذا يُرجح أنه يريد التحذير من سحاب نفسها.

وأما قوله : (فهو أحد الأغمار الصغار المتعالمين الذين يرمون السلفيين الأفاضل بما هم منه براء).
أقول : حسبي الله ونعم الوكيل.
ثم من أولئك السلفيون الأفاضل الذين أطعن فيهم ؟
ومن الذين برز ضمن صفاتهم الطعن في أفاضل السلفيين بحق ؟
أليس السلفيون الأفاضل في نظرك هم الذين تطاولوا على الشيخ حسن بن عبدالوهاب البنا والشيخ ربيع بن هادي المدخلي الشيخ محمد بن سعيد بن رسلان والشيخ سعد الحصين والشيخ فلاح مندكار والشيخ محمود عامر والشيخ خالد أبي عبدالأعلى وغيرهم.
سمي لي أولئك السلفيين الأفاضل ؟

وأما قوله : (وقد خصصه صاحبه لمحاربة هؤلاء السلفيين الفضلاء ورميهم بالحدادية تلميحًا أو تصريحًا، وملأه بسخام الكلام وردود -زعم- على طلبة العلم الأفاضل في حين أن صاحبه هذا لا يحسن في ردوده السقيمة المريضة المتهافتة أن يفرق بين "ألف الوصل" و"همزة القطع" ! فإنا لله !).
فأقول :
لم أصرح في مقالاتي الموجودة الآن على سحاب بشخص من الحدادية وإن كنت قصدتهم ببعض مواضيعي إلا أنها بفضل الله أثرت فيهم والدليل على ذلك أن هذا الكاتب لا يزال يشتكي من أثرها عليهم.

وأما قوله : (وملأه بسخام الكلام وردود -زعم- على طلبة العلم الأفاضل).
أقول : لو أنه صرح باسم سحاب لما أستطاع أن يخط هذه الكلمات القبيحة وإلا يقال له هل مشرفي منتدى سحاب -وبالأخص الشيخ خالد الظفيري- يسمحون لأي عضو أن يكتب على صحفات ويملأ مقالاته بـ"سخام الكلام" ؟
ثم ليسمي لي طلبة العلم الأفاضل في نظره ؟

وأما قوله : (في حين أن صاحبه هذا لا يحسن في ردوده السقيمة المريضة المتهافتة أن يفرق بين "ألف الوصل" و"همزة القطع" ! فإنا لله !)
هل "سحاب" تسمح أن انشر عليها "ردود سقيمة مريضة متهافتة" ؟
وهل منتديات البيضاء العلمية تسمح بنشر "ردود سقيمة مريضة متهافتة" وبنشر "سخام الكلام" ؟
وأما زعمه أني لا فرق بين ألف الوصل وبين همزة القطع فهذا ليس إلا تضخيماً للأمور شربه من الحدادية.
فلو وقع مني غلط إملائي فلا يقال عني هذا , هل إذا رفعت "المفعول به" يُقال علي أني لا اعرفه أم يقال أني أخطأت بلا قصد مع أني أعرف أن "المفعول به" ينصب ؟

والآن أنتقل إلى ما قاله عبدالحميد الجهني -هداه الله-.
فأما قوله : (السلفية هي ما كان عليه السلف الصالح عقيدة وشريعة وسلوكا). ثم قوله : (فإن قيل : إن المراد في هذه الكلمة هو الإسلام المصفى الذى كان عليه السلف , قلنا : إذن يكون قد فسر السلفية بالسلفية ! فيكون الكلام لا طائل تحته , ولا فائدة منه , لأن السلفية هي الإسلام المصفى الذى كان عليه السلف الصالح).
فأقول :
أليس هذا تناقضاً ؟ أتعيب على غيرك ما وقعت فيه ؟ وأنت بماذا فسرت السلفية ؟
أليس قولك : (السلفية هي ما كان عليه السلف ...) تفسيراً للسلفية بالسلفية ؟
ألا يصدق فيك قول القائل : (وفسر الماء بعد الجهد بالماء) ؟
والأعجب والمضحك أنه يُغلط المردود عليه ثم يرد بنفس قوله إلا أنه زاد كلمة "الصالح" (1) فيقول : (لأن السلفية هي الإسلام المصفى الذى كان عليه السلف الصالح).
ثم إنه يكفي أن يقال أن "السلفية هي الإسلام الصافي والفرق المخالفة إسلامها مشوب ببدع على تفاوت" , فلماذا يفترض عبدالحميد الجهني أن يفسر المردود عليه السلفية بأنها " الإسلام المصفى الذى كان عليه السلف" ؟ هل يريد أن يوقعه في الحرج ؟

وأما قوله : (ومن خالفهم وتنكب طريقهم لم يكن سلفيا , وخروج الشخص من السلفية لا يعني خروجه من الإسلام , بل يبقى في دائرة أهل البدع , وأهل البدع _ غير المكفرة _ هم مسلمون في الجملة مع ما عندهم من البدع).
فلا أخالفه فيه ولكن استدلاله به ليس في محله لما سيأتي.

وأما قوله : (لأن السلفية لا تصح إلا إذا كانت نقية من البدع , وأما الإسلام فيصح مع البدع , كما هو معلوم , فالصوفي _ على سبيل المثال _ الذي يقيم الموالد , وليس عنده بدعة تخرجه من الإسلام , هو مسلم بدون شك , ولكن هل هو سلفي ؟).
فلا أخالفه فيه أيضاً ولكن استدلاله به ليس في محله كذلك.

وأما قوله : (فإن قلنا : الإسلام هو السلفية , إذن يكون هذا الصوفي من السلفيين ؛ لأنه مسلم .).
هذا إلزام بغير اللازم , لأن هذا الصوفي وأيَّ مبتدعٍ فقد وقع في انحراف عن الإسلام (2) وليس على الإسلام الصافي الذي هو طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي هو السنة والذي هو السلفية.
وكما أنه هناك فرق بين الشخص السلفي وبين المنهج السلفي فهناك فرق بين المسلم وبين الإسلام.
وهذا ما لا يبصره الحدادية في كثير من المواطن فلا يفرقون بين الانحراف والمنحرف لأنهم من الأصل لم يفرقوا بين الإسلام والمسلم ولا بين السلفية والسلفي.
فإذا وجدوا شخصاً وقع في انحرفٍ وصفوه مباشرة بأنه منحرف.

وأما قوله : (ثم إن الذى يتبادر إلى الأذهان من كلمة الإسلام هو الإسلام الذى يدخل فيه المبتدعة , كالأشاعرة _مثلا _..)
فأسأله :
أذهان من ؟
أذهان أهل العلم أم أذهان الجهال والمتعالمين ؟
أذهان من يعرفون المعرفة من النكرة أم من لا يعلمون ؟
أذهان من يعرفون الاسم المفرد من الاسم المضاف أم من لا يفرقون ؟
أأهل العلم يساوون بين الإسلام وبين إسلام أهل البدع ؟
أأهل العلم إذا أطلقوا لفظ الإسلام أرادوا به الإسلام الصافي مع إسلام أهل البدع ؟
ماذا نفهم من قول الله -تعالى- : (إن الدين عند الله الإسلام) ؟ هل يدخل فيه إسلام الأشاعرة بما لحقه من بدع ؟
إن ما يريد أن يتحدث عنه عبدالحميد الجهني ولم يفلح في التعبير عنه هو أصل الإسلام الذي يشترك فيه كل المسلمون سلفيهم ومبتدعهم أو أنه يساوي بين المسلمين -بما فيهم سلفي وبدعي- وبين الإسلام.

وأما قوله : (بل قول البربهاري هو الذي عليه أئمة السنة , أنه لا يقال للرجل إنه من أهل السنة إلا إذا كان على معتقد أهل السنة ومنهجهم , وهذا معنى كلام البربهاري -رحمه الله-).
لا أخالفه فيه بل أوافق البربهاري -رحمه الله- على ما لم يصرح به عبدالحميد الجهني ولا سائله ولا صاحب الموضوع المدلس الذي لم ينقل كلامي المنشور في مقالي على شبكة سحاب.
أوافق البربهاري على ما نقلته عنه في المنبر الإسلامي وقاله -رحمه الله- في أول كتابه "شرح السنة" :
(الإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر). اهـ
وعليه فنقول في عصرنا : (الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر).

وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم , والحمد لله رب العالمين.

______________
(1) لا شك أن التقييد بكلمة "الصالح" أجود , إلا أنه قد جرى اكتفاء العلماء بلفظ "السلف" ويقصدون به "السلف الصالح" دون أسلاف أهل البدع في كثير من الأحيان.
(2) وكتب الشيخ الألباني –رحمه الله- معلقاً على هذا كتاب " العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم" : ((كل ما رددته على سيد قطب حق وصواب، ومنه يتبين لكل قارئ مسلم على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه. فجزاك الله خيراً أيها الأخ الربيع على قيامك بواجب البيان والكشف عن جهله وانحرافه عن الإسلام)).